الحلقة الثانية
2 ـ اتّهامات عبد الرحمن عبد الخالق ومجازفاته
سنقف مع مقال عبد الرحمن عبد الخالق، ونناقشه في بعض الأمور التي افتراها على الشيخ ربيع بن هادي المدخليّ، ليعرف القرّاء بضاعة هؤلاء القوم.
فمن الأشياء التي افتراها عبد الرحمن عبد الخالق أن الشيخ ربيعًا أصّل أصولًا في الدين، فرّق بها جماعة المسلمين، وأن الشيخ ربيعًا أنشأ فتنة بين أهل السنة، لم تنشأ قبلها فتنة مثلها، ويزعم عبد الرحمن عبد الخالق أن من أصول الشيخ ربيع أن كلّ من وقع في بدعة فهو مبتدع، وأن المبتدع لا يُقبل منه إحسان قطّ، وإن غلبت حسناته على سيئاته، ومن ذلك دعواه أن الشيخ ربيعًا يتبنّى أن من لم يبدّع المبتدع فهو مبتدع مثله. قال عبد الرحمن عبد الخالق: "وهذا الأصل الذي قال به الشيخ ربيع يلزم منه تبديع الإمام البخاري صاحب الجامع الصحيح، وذلك أن الإمام البخاري روى في كتابه عن بضع وستين ممن تلبّسوا ببدعة من البدع الكبرى، كالخروج والإرجاء والتشيّع، وكان الميزان عنده وعند أهل الحديث جميعًا قبول رواية المؤمن الصادق الحافظ وإن تلبس ببدعة.
وقال عبد الرحمن عبد الخالق: "كذلك يلزم من أصل الشيخ ربيع بن هادي رفض كتب شُرّاح الحديث كالإمام النووي، والإمام ابن حجر، وابن الملقّن - رحمهم الله - فإن هؤلاء ممن تلبّسوا ببدعة التأويل والتصوّف". ومن ذلك دعوى عبد الرحمن عبد الخالق أن تلامذة الشيخ ربيع قاموا بإحراق كتاب الحافظ ابن حجر وهو كتاب "فتح الباري"، وأن الشيخ ربيعًا وتلامذته توسّعوا في مفهوم البدعة، فجعلوا تأسيس الجمعيّات الدعوية فرقًا ضالّة من أهل النار، وزعم أن من هذه الأصول أن أيّ قيام لأمر بمعروف، أو نهي عن منكر، يعتبر خروجًا على الحاكم، وأنهم بهذا الأصل تصدّوا لكلّ داعٍ إلى الله تعالى، وأن من هذه الأصول أن ربيعًا ومن معه الولاء والبراء على حكمهم في الإفراد.
ويزعم عبد الرحمن عبد الخالق أن أتباع الشيخ ربيع وصفوه بحامل لواء الجرح والتعديل، وأن أتباعه يقولون: "إن الشيخ ربيعًا معصوم في باب الجرح والتعديل، ويقول إن شر الشيخ ربيع ومن معه بقي في أهل السنة فقط، وسلم منهم أهل البدع، بل وسلم منهم اليهود والنصارى. ويزعم عبد الرحمن عبد الخالق أن الشيخ ربيعًا ومن معه يُكفّرون الناس، ويخرجونهم من الدين.
وأقول: إن هذه التّهم – كلّها أو أكثرها - هي نفسها التُّهم التي يكيلها الإخوان المسلمون للشيخ ربيع المدخلي خصوصًا، والسلفيين عمومًا.
3 ـ الجواب عن افتراءات عبد الرحمن عبد الخالق
أ ـ الجواب الإجماليّ عن هذه الافتراءات:
والحقّ أن عبد الرحمن عبد الخالق يرمي التهم جزافًا، دون أيّ بيّنة، ولا إحالة للقارئ على مصادر تثبت هذه الأشياء التي يدّعيها، وهذه مجازفة، واستغفال للقرّاء، واستخفاف بعقولهم، يدلّ على أن هدفه الجناية على ربيع المدخلي، والتشويه به بأي وسيلة، ولو بالتّهم الظالمة.
ونحن نطالب عبد الرحمن عبد الخالق بإثبات هذه الدعاوى، وإلا فإن هذه الأكاذيب لا تزيده إلا سقوطًا فوق سقوطه، وتردّيًا فوق ما هو عليه.
ب ـ الجواب التفصيليّ:
ومع أن جميع الدعاوى التي ادّعاها عبد الرحمن عبد الخالق لم يبرهن عليها، كذلك وجدنا بعض الدعاوى - التي ذكرها عبد الرحمن عبد الخالق – كاذبةٌ على الشيخ ربيع، إما أن للشيخ ربيع كلامًا صريحًا يُخالف ما ذكره هذا الرجل، وإما لوجود قرائن أخرى تكذّب عبد الرحمن عبد الخالق كما سيرى القارئ الكريم بنفسه – إن شاء الله تعالى -.
أ ـ فمن ذلك دعوى عبد الرحمن عبد الخالق أن الشيخ ربيعًا يتبنّى "القول بأن كلّ من وقع في بدعة فهو مبتدع"، ونحن سنورد كلامًا للشيخ ربيع، يكّذب عبد الرحمن عبد الخالق صراحةً، ويبيّن لنا مدى الأمانة العلميّة عند هذا الرجل.
يقول الشيخ ربيع بن هادي المدخليّ في شريط: "لقاء مع الشيخ ربيع في مسجد الخير": (من وقع في بدعة إن كانت ظاهرةً واضحةً كالقول بخلق القرآن، أو دعاء غير الله، أو الذبح لغير الله، أو شيء من هذه الأمور الواضحة، فهذا يُبدّع بالبدعة الواحدة، وإذا كانت البدعة من الأمور الخفيّة، ووقع فيها من يتحرّى الحقّ خطأً منه، فهذا لا يُبدّع ابتداءً، وإنما يُنصح ويبيّن له خطؤه، وإذا أصرّ عليه يُبدّع حينئذٍ، يقول ابن تيميّة: "كثيرٌ من علماء السلف والخلف وقعوا في بدع من حيث لا يشعرون، إما استندوا إلى حديث ضعيف، أو أنهم فهموا من النصوص غير مراد الله تبارك وتعالى، أو أنهم اجتهدوا". فإذا عُرف من عالم فاضل يحارب البدع، ويدعو إلى السنة، وعرفوا صدقه وإخلاصه، وتحذيره من البدع، فوقع بسبب من أسباب في شيء من البدع الخفيّة، فلا نسارع إلى تبديعه، هذا القول الصحيح، وإلا لو حكمنا على كلّ من وقع في بدعة أنه مبتدع، لما سلم أحدٌ من أئمة الإسلام، فضلًا عن غيرهم".
وهناك جوابٌ مفصلٌ للشيخ في موقعه، نحو هذا الجواب تمامًا. كتبه الشيخ في 24 / رمضان / 1424 هجرية، فنحيل القرّاء عليه.
ب ـ ومن ذلك دعوى عبد الرحمن عبد الخالق أن الشيخ ربيعًا يرى "أن المبتدع لا يقبل منه إحسان قطّ، وإن غلبت حسناته على سيئاته". والجواب أن هذه دعوى كاذبة من عبد الرحمن عبد الخالق، لم يأت بالبيّنة عليها.
ثم إن الشيخ ربيعًا له كلام جميل في "مجازفات الحدّاد" يتعقّب فيه على الحدّاد الذي يرى أن المبتدع لا يُقبل منه شيء من الأعمال، ولو كانت صالحةّ، فردّ عليه الشيخ وبيّن فساد هذا القول.
هذا ما قرأته في "مجازفات الحداد" قبل عشرين سنة تقريبًا ولا أذكر كلامه باللفظ، وقد أردت أن أوثّق النقل بنقل كلام الشيخ من الرسالة المشار إليها، لكني لم أجد الرسالة.
ج ـ ومن ذلك قول عبد الرحمن عبد الخالق أن الشيخ ربيعًا يرى: "أن من لم يبدّع المبتدع فهو مبتدع مثله". والجواب عن ذلك أن هذا كذب على الشيخ ربيع لأنه لم يأت بالبيّنة، بل قامت البيّنة على خلاف هذه الدعوى، فقد سئل الشيخ ربيع - في "عون الباري شرح كتاب شرح السنة للبربهاري" - عن قاعدة: "من لم يبدع المبتدع فهو مبتدع". فقال الشيخ ربيع: (الإطلاق على من لم يبدّع المبتدع غير صحيح، لأن هذا قد لا يكون يعرف هذا ببدعته، فلا يبدّعه تورّعًا، فلماذا تبدّعه ؟! أما إن كان يعرف المبتدع، ويحبّه ويواليه، فهذا مبتدع، فهذا هو الفصل في القضيّة، يعرف أن هذا مبتدع ويناصره، ويحارب أهل السنة والجماعة، هذا مبتدع ... لا شكّ. أما إنسان ما عرف أنه مبتدع فلا تبدّعه، فلا تُطلق عليه هذه القاعدة، الذي تدرُسه وتعرف أنه يوالي المبتدع، وينافح عنه، ويحارب أهل السنة من أجله، ولأجل هذا الباطل، هذا مبتدع ضالّ، أما إنسان لا يعرف أن هذا مبتدع، فانصحه، وبيّن له أنه مبتدع، فإن انتهى وإلا فألحقه بصاحبه المبتدع) ا.هـ [1]
د ـ ومن ذلك قول عبد الرحمن عبد الخالق: "وهذا الأصل الذي قال به الشيخ ربيع يلزم منه تبديع الإمام البخاري صاحب "الجامع الصحيح"، وذلك أن الإمام البخاري روى في كتابه عن بضع وستين ممن تلبّسوا ببدعة من البدع الكبرى، كالخروج والإرجاء والتشيّع، وكان الميزان عنده وعند أهل الحديث جميعًا قبول رواية المؤمن الصادق الحافظ وإن تلبس ببدعة".
فالجواب: أن الشيخ ربيعًا لا يصحّ عنه أنه يتبنّى قاعدة: "من لم يبدّع المبتدع فهو مبتدع"، وإذا لم يصحّ الأصل، لم يصحّ الفرع، وعليه فلا يصحّ هذا الإلزام لأنه متفرّع عنه.
ثم إن للشيخ ربيع كلامًا صريحًا يرى فيه أن الرواية عن المبتدع جائزة، أجازها بعض الأئمة بشروط، فكيف يُبدِّع صاحبا الصحيح لروايتهم عن بعض أهل البدع ؟!. ذكر ذلك الشيخ ربيع في أثناء ردوده على الحدّاد وأتباعه، لأنهم لا يفرّقون بين المبتدع الداعية وغير الداعية.
يقول الشيخ ربيع في "مجموع كتب ورسائل وفتاوى الشيخ ربيع": (فماذا نصنع الآن بصلاة السلف خلف المرجئة وغيرهم من أهل البدع غير الدعاة ؟! وماذا نصنع بمن روى عن أهل البدع غير الدعاة من القدرية والشيعة والمرجئة، بل الخوارج، بل بعض السلف كان يروي عن المبتدعة الدعاة ؟! وماذا نصنع برواياتهم في الصحيحين، وسائر الأمهات، والمسانيد، والجوامع، إذا أخذنا بهذا المذهب الحدّادي الذي فات الأمة، وهدى الله إليه الحدّاد، وشيعته العظماء) ا.هـ [2]
وهذا النقل يكذّب عبد الرحمن عبد الخالق صراحةً، حيث إن الشيخ ربيعًا يرى أن بعض السلف روى عن بعض داعة أهل البدع، ومع هذا لم يبدّعه لوجود أعذار تُلتمس له، ومن ذلك أن الشيخ ربيعًا المدخلي ذكر رواية الإمام البخاري لعمران بن حطّان الخارجي – مادح عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب – ثم نقل عن الحافظ ابن حجر أن عمران رجع في آخر حياته عن رأي الخوارج، ثم قال الشيخ ربيع في رسالته: "بيان ما في نصيحة إبراهيم الرحيلي من الخلل والإخلال": (أقول: فلا يبعُد أن الإمام البخاريّ ما روى لعمران إلا لاعتقاده أنه قد تاب من مذهب الخوارج). [3]
هـ ـ ويزعم عبد الرحمن عبد الخالق أنه يلزم من أصل الشيخ ربيع بن هادي رفض كتب شُرّاح الحديث كالإمام النووي، والإمام ابن حجر، وابن الملقّن - رحمهم الله - فإن هؤلاء ممن تلبّسوا ببدعة التأويل والتصوّف". ودعواه أن تلامذة الشيخ ربيع قاموا بإحراق كتاب الحافظ ابن حجر وهو كتاب "فتح الباري".
وكلّ هذه دعاوى لا بيّنة عليها، وهذا وحده يهدم دعوى هذا عبد الرحمن عبد الخالق، أضف إلى ذلك أن للشيخ ربيعًا كلامًا يكذّب هذه الدعوى.
يقول الشيخ ربيع في "مجموع كتب ورسائل وفتاوى الشيخ ربيع": (وأما زعمك أننا كنا نشارك الحدّاد في تبديع أبي حنيفة، وابن حجر، والنووي، فهذا من الإفك). [4]
وقال الشيخ ربيع في مقدمة كتاب: "مجازفات الحدّاد": (ولقد اشتهر الحدّاد بالتركيز على ثلاثة من الناس، يبدّعهم ويمنع من الترحّم عليهم، ويعادي هو وأصحابه من لا يفعل ذلك، ابن حجر، والنووي، وأبو حنيفة – رحمهم الله –، وكان تركيزه – ومن انخدع به - على ابن حجر أكثر وأكثر).
ثم إن واقع الشيخ ربيع يكذّب هذه الدعوى التي افتراها عبد الرحمن عبد الخالق، فالشيخ ربيع المدخليّ يستفيد من كتب هؤلاء العلماء كثيرًا، ويحيل عليهم وإليهم كثيرًا في كتبه وبحوثاته ومقالاته ورسائله، بل إن رسالة الدكتوراة للشيخ ربيع كانت تحقيق "كتاب النكت على ابن الصلاح" للحافظ ابن حجر العسقلاني – رحمه الله – وهي رسالة مطبوعة ومنتشرة، وهذا كلّه يدلّ على المستوى السحيق الذي وصل إليه عبد الرحمن عبد الخالق.
و ـ ويزعم عبد الرحمن عبد الخالق أن الشيخ ربيعًا وتلامذته توسّعوا في مفهوم البدعة، فجعلوا تأسيس الجمعيّات الدعوية فرقًا ضالّة من أهل النار.
وأقول: نحن كالعادة نطالب عبد الرحمن عبد الخالق بالبرهان على هذه الدعوى. وهناك فرقٌ بين بين الجمعيّة الخيرية، وبين التنظيم الحزبيّ الذي يتستّر بالأعمال الخيرية، فتكون الأعمال الخيريّة نوعًا من الغطاء، وتحت الغطاء تعظيم رموز الخوارج المارقين، ونشر أفكارهم الخارجية في تكفير الحكام، واتّهام العلماء بالعمالة للحكام، وتأجيج الشباب على الحكام، وإيغار صدور الشباب على العلماء، ودعم من يستجيب لهذه الأفكار وينقاد لها دعمًا سخيًّا، ومحاربة من يقف لهذه الأفكار محاربة شرسة.
وقد بيّنّا بعض ما تنطلي عليه هذه الجمعيّات من أفكار خبيثة، وانحرافات خطيرة، وإن كانت تتستّر بالأعمال الخيريّة في مقال: "المؤاخذات على جمعيّة الإحسان".
لقد صارت الحكومات تتفطّن لكثير من هذه الجمعيّات والمنظمات المتستّرة بغطاء الأعمال الخيريّة، فكم من جمعيّات شعارها الأعمال الخيرية وهدفها نشر الفكر الرافضي، وهناك جمعيّات شعارها الأعمال الخيرية، وهدفها نشر الفكر الصوفيّ، وهناك جمعيّات شعارها الأعمال الخيرية، وهدفها نشر الفكر التكفيري، وهناك منظمات شعارها الأعمال الإنسانية – إن صحّ التعبير – وهدفها الحقيقي تنصير المسلمين، أو زعزعة الأمن في البلاد، أو الأعمال التجسّسية لخدمة الأعداء، وغير ذلك.
فالأعمال الخيريّة صارت شعارًا لكثير من أهل الباطل، يتستّرون به، ليخفوا الأدوار الحقيقية التي يقومون بها، وأصبح هذا معروفًا لكثير من العقلاء – ولله الحمد -.
وجمعيّة إحياء التراث الكويتيّة تتستر بالأعمال الخيرية، فهي تفرّق السلفيين بشراء الذمم، وتتبنّى العمل السياسيّ، وتنشر الفكر التكفيري، وتروّج لرموزه بحجّة أنهم دعاة ومفكرون، وتدافع عن الإخوان المسلمين، وعن الفوضى التي يحدثها الإخوان المسلمون في العالم الإسلاميّ، في الوقت الذي تحارب الدعوة السلفيّة، وكلّ من يقف لهذه الأفكار الهدّامة، والبدع الخطيرة، وتشوّه بهم بأخبث التشويه، ومن ذلك ما كتبه عبد الرحمن عبد الخالق في مقاله هذا، الذي لم يردعه الخوف من الله، ولا كِبَرُ سنّه من مثل هذه الافتراءات.
فهذه هي أعمالكم الخيريّة، تقفون مدافعين عن أهل البدع، وتنصرونهم بكلّ ما تملكون.
ز ـ ويزعم عبد الرحمن عبد الخالق أن أتباع الشيخ ربيع وصفوه بحامل لواء الجرح والتعديل.
فأقول: إن صغار أهل السنة، يعرفون أن الذي قال عن الشيخ ربيع إنه حامل لواء الجرح والتعديل هو الشيخ العلامة المحدث ناصر الدين الألباني، إلا أن يكون العلامة الألباني المداخلة - من أتباع ربيع المدخليّ – عند عبد الرحمن عبد الخالق وحزبه الإخوانيّ ؟!
ألا يخجل عبد الرحمن عبد الرحمن من هذا الكذب الرخيص الذي يستغفل به القرّاء ؟!
ح ـ ويقول عبد الرحمن عبد الخالق: "إن شر الشيخ ربيع ومن معه بقي في أهل السنة فقط، وسلم منهم أهل البدع، بل وسلم منهم اليهود والنصارى.
ونجيب عن ذلك بأن الشيخ ربيعًا له جهود كبيرة في الردّ على الرافضة وأذنابهم، والصوفية وأذنابهم، والخوارج وأذنابهم، وأعداء دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهّاب، وكثير من العقلانيين، وكثير من الليبراليين، ودعاة تحرير المرأة.
فنحن نريد من عبد الرحمن عبد الخالق أن يخرج لنا مقالاته في الردّ على أهل البدع، نريد من عبد الرحمن عبد الخالق أن يخرج لنا ردًّا على العلمانيين الذين قال فيهم عبد الرحمن عبد الخالق: "إنه لا بأس من التحالف مع العلمانيين" !! وسيأتي في كلام شيخنا مقبل – رحمه الله -. ونريد منه ردًّا على الليبراليين، بل على اليهود والنصارى، ليعرف القرّاء من الذي بقي شرّه في أهل السنة، وسلم منه أهل البدع، بل اليهود والنصارى ؟!.
بل عبد الرحمن عبد الخالق هو الذي يحارب العلماء، ودعاة السلفية المصلحين، ويشوّه بهم، بل حتى إنه يهاجم العلماء الذين علّموه يهاجمهم بشدّة، ويتطاول عليهم، فلم يستطع أن يكتم ما في قلبه من غيظ على علماء الدعوة السلفية.
ففي كتابه "أصول العمل الجماعي" ذكر أن بعض المنتسبين إلى دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، زعموا أن كل من أسس جماعة للدعوة والجهاد فهو خارجي معتزلي، كما زعموا أن النظام ليس من دين الله. وذكر أن بعض هؤلاء المنتسبين للشيخ محمد بن عبد الوهاب أعطوا الحكام المعاصرين حقوقًا لم تعط للصديق ولا للفاروق، ولا عرفها المسلمون في كل تاريخهم، ولا دوّنها عالم موثوق في شيء من كتب العلم، فلا يجوز عندهم أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلا بإذن الإمام، ولا يجوز رد عدوان على ديار الإسلام إلا بإذن السلطان، وهؤلاء أعطوا الحاكم صفات الرب سبحانه وتعالى، فالحق ما شرعه والباطل ما حرمه، وما سكت عنه فيجب السكوت عنه، وعندهم أن ما أهمله الحاكم من أمر الدين ومصالح المسلمين، فيجب على أهل الإسلام إهماله والتغاضي عنه حتى لا يغضب أمير المؤمنين.
ويرى في شريط "المدرسة السلفية" أن طائفة العلماء في السعودية في عماية تامّة، وجهل تام عن المشكلات الجديدة ... وأن سلفيتهم سلفية تقليدية لا تساوي شيئًا.
ويرى أن العلماء شيوخ لا يفهمون إلا قشور الإسلام على مستوى عصور قديمة. ويرى أنهم طابور من العلماء المحنطين الذين يعيشون بأجسادهم في عصرنا ولكنهم يعيشون بعقولهم وفتاواهم في غير عصورنا. ويرى أنهم لا يحسنون الرد على الإلحاد ودسائس أعداء الإسلام.
وتكلم عبد الرحمن عبد الخالق في الشيخ الشنقيطي - وهو أحد مشايخه الذين درسوه في الجامعة الإسلامية -، فيرى عبد الرحمن عبد الخالق أن الشيخ الشنقيطي لم يكن على مستوى عصره، وما كان يدرك جواب شبهة يوردها عدو من أعداء الله، ولا كان على استعداد أصلًا لسماع هذه الشبهة. [5] وينتقد الشيخ الشنقيطي بكلام شديد لأنه لم يقتنع بالصعود إلى القمر.
ويقول عبد الرحمن عبد الخالق في ختام كلامه على الشيخ الشنقيطي: "إن الشيخ الشنقيطي مكتبة متنقلة لكنها طبعة قديمة تحتاج إلى تنقيح وتصحيح". [6] قال الشيخ صالح الفوزان: (ولم يسلّم من ذلك حتى مشايخه الذين درّسوه). [7]
ط ـ ومن عجيب تُهم عبد الرحمن عبد الخالق أنه يزعم أن الشيخ ربيعًا ومن معه يُكفّرون الناس، ويخرجونهم من الدين.
ويكفينا لهدم هذه الدعوى أن نطالب عبد الرحمن عبد الخالق بالبيّنة. ثم إن عبد الرحمن عبد الخالق له كلامٌ صريحٌ يدلّ على ولعه بالتكفير، فمن ذلك أنه يكفّر الدول الإسلامية، حيث يقول: في كتابه: "خطوط رئيسية لبعث الأمة الإسلامية": "بأن الدول العربية والإسلامية بوجه عام لا ظل للشريعة فيها، إلا في بعض ما يسمى بالأحوال الشخصية ... وأن دولنا جميعها بلا استثناء خاضعة لتشريع الغرب أو الشرق".
ويكفّر الشعوب، حيث يقول عبد الرحمن عبد الخالق: "الشعوب في ردة جماعية". [8] ويرمي سواد الناس بالعلمانيّة، ويصف الصوفية بأنهم مشركون وثنيّون، وأنهم غير مسلمين، ويصف تلميذه عبد الرزاق الشايجي السلفيين بالزندقة. [9] ومع هذا يتّهم الشيخ ربيعًا بالتكفير، فحقًّا إن لم تستح فاصنع ما شئت. ومن هنا نقول إنه يكسب الخطايا ثم يرمي بها الأبرياء.
قال الشيخ ربيع في "مجموع كتب ورسائل الشيخ ربيع": (تتظاهر بمحاربة التكفير شأنك شأن كثيرٍ من دعاة القطبيّة والإخوانيّة، ثم تدافع عن القطبيين التكفيريّين أشدّ ما يكون من الدفاع لأنك لم تنضبط بمنهج السلف في قضايا النقد "الجرح والتعديل" ولا في التبديع، لمن يستحقّ التبديع، والتكفير لمن يستحقّ التكفير، ويرى الناقد البصير أنك تتخبّط في هذه القضايا يمينًا وشمالًا، وصعودًا وهبوطًا). [10]
وأخيرًا:
نحن منتظرون أن يأتي عبد الرحمن عبد الخالق بالبرهان على مثل هذه الدعاوى، ومن أين نقل هذه الأشياء ؟! فليحل القارئ إلى مصادر موثوقة.
وقد عرفنا - من مناقشة عبد الرحمن عبد الخالق - أن الرجل لا يتورّع من الكذب على الأبرياء، بل يتّهم الأبرياء بما ابتلاه الله به من التكفير والسكوت عن أهل الباطل.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.
كتبه: أبو عمار علي بن حسين الشرفيّ
المعروف بعليّ الحذيفي
الثلاثاء 7 / ذو الحجة / 1438 هـ
ـــــــــــــــــــــــــــ
[1] "عون الباري" (2/891).
[2] "مجموع كتب ورسائل وفتاوى الشيخ ربيع" (9/451).
[3]"بيان ما في نصيحة إبراهيم الرحيلي من الخلل والإخلال" (حاشية ص 78).
[4] "مجموع كتب ورسائل وفتاوى الشيخ ربيع" (9/ 521 - 522).
[5] ومن قرأ تفسير العلامة الشنقيطي، المسمى بـ: "أضواء البيان" عرف ما لهذا الرجل من علو الكعب في مناقشة شبهات الكفار، بما لا يحسنه عشرات من أمثال عبد الرحمن الخالق، الذي لم تر الدعوة منه إلا الفتن والقلاقل.
[6] انظر كلام عبد الرحمن عبد الخالق مع مناقشته في"مجموع كتب ورسائل وفتاوى الشيخ ربيع" (10/42 - 45). وهي في رسالة: "جماعة واحدة لا جماعات".
[7] من تقريظه لكتاب: "جماعة واحدة لا جماعات" للشيخ ربيع المدخلي.
[8] من مقدمة "دفع المراء عن حديث الافتراق" للشيخ حمد العثمان (ص 19).
[9] انظر: "مجموع كتب ورسائل الشيخ ربيع" (10/244 - 245).
[10] انظر: "مجموع كتب ورسائل الشيخ ربيع" (10/244).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق