قصة القطبية
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد:
فالمنهج السلفي هو دين الله الخالص، لأنه قائم على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم، وطريقة أصحابه رضي الله عنهم، في العلم والعمل والاعتقاد.
وأهل البدع والضلال يكيدون لهذا المنهج المبارك المكايد، ويحاربونه بالليل والنهار، ويشوهون به، وينسبون إليه ما هو بريء منه، لأنهم يعلمون أنهم لن يصلوا إلى أغراضهم ما دام أن هذا المنهج قائم.
وهؤلاء الخصوم على صنفين: فمنهم من يجاهر بالعداوة، فيرمي هذه الدعوة المباركة بكل قبيح جهارًا.
والصنف الآخر من يندس في هذه الدعوة المباركة، ليدس ما يريد في الوقت الذي يريد، وهذا الصنف خطير، لأنه يظهر بمظهر السلفية، ويدخل على السلفية أشياء من ضلالات الفرق الأخرى بقصد أو بغير قصد، وقد يتربى الشخص سنين طويلة في هذه الدعوة السلفية، ويتزي بزي أهلها، وهو غير مقتنع بأسس هذه الدعوة، ولا بطريقتها، وإنما صار فيها لغاية واحدة، وهي أنه يبث سمومه من الداخل.
ويأبى الله إلا أن يفضح مثل هذا الصنف، ويظهر خبره، وهذا شيء خصه الله به دون سائر المناهج، فمن أراد أن يخترق هذا المنهج المبارك ويدخل فيه أشياء افتضح أمره، لأنه دين رب العالمين سبحانه.
وشواهد التاريخ شاهدة على أن من اندس بين أهل الحق فإنه سرعان ما ينفضح، فلقد لبس بعض الكذابين ثياب المحدثين، وكذبوا على النبي صلى الله عليه وسلم، واختلقوا الأحاديث التي لم يقلها صلى الله عليه وسلم، ليدسوا الأكاذيب في السنة النبوية، ويفسدوها بقصد أو بغير قصد، فقيّض الله لهم أئمة الحديث، فكشفوهم، وكشفوا هذه الأحاديث للناس، وميزوا بينها وبين الأحاديث الصحيحة.
ومن ذلك ظهور أئمة البدع الذين دسوا في الإسلام ضلالات لا حصر لها، واغتر بها كثير من عامة الناس، فهيأ الله تعالى لهذه الطائفة رجالا يكشفون ضلالاتها.
مشايخ الدعوة السلفية يحرسون المنهج السلفي ويذبون عنه
وتستمر المعركة بين أهل الحديث وأهل البدع على مر العصور، فكلما قام أهل البدع بدس البدع على مذهب السلف، قيظ الله تبارك وتعالى لهذا الدين رجالًا، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
فأهل الحديث – ولله الحمد - في يقظة تامة، وحراسة مشددة.
وفي هذا العصر خرجت علينا ضلالات متنوعة، دسها أصحابها على دعوة أهل السنة بمكر عظيم، فقيض الله تعالى رجالًا يحمون هذا المنهج المبارك، ويبذلون في سبيله الغالي والنفيس، فبينوا بالردود العلمية ضلالات هذه الأفكار والآراء، وصبروا على الحق الذي دافعوا عنه، وتحملوا من أهل البدع كل أنواع الأذى، من الافتراءات والتضليلات.
ومن المؤسف أن كثيرا من شبابنا، لا يعرفون جهود علمائهم في الذب عن هذا المنهج المبارك، ولا يعرفون معاركهم المشرفة التي خاضوها ضد أهل الباطل بأصنافهم وألوانهم، فنتج عن هذا جهل كبير، لأنه لا يعرف طرق المندسين، الذين دسوا في الإسلام دسائس كثيرة، ولا يعرف صفاتهم، ولا علاماتهم، كما لا يعرف من هم هؤلاء المنافحون، الذين أفنوا أعمارهم في توضيح الإسلام والذب عنه، ودعوة الناس إليه، ونتج عن هذا أيضًا خلط كثير من الأوراق، فكل من وقع في فتن الشبهات، فلأنه لا يفرق بين الراسخين من أهل العلم، الذين عرفتهم السلفية ذابين عنها سنين عددًا، وبين غيرهم، فيكونون دائما ضحية لهذا الخلاف.
وفي كل فتنة وجدنا أن مشايخنا الكبار هم أهل العلم الراسخ، والنصيحة الحكيمة، والغيرة الصادقة، والفراسة الثاقبة، في كل الفتن.
وفي هذه النبذ سأذكر شيئًا من الجهود المباركة لعلمائنا الأخيار، الذين قاموا بحراسة هذا المنهج المبارك، لأمور:
1 ـ لمعرفة جهود علمائنا.
2 ـ لمعرفة يقظتهم ونباهتهم.
2 ـ للتمييز بين العلماء المجاهدين، وغيرهم.
3 ـ لمعرفة بعض أسماء أهل البدع المعاصرين.
4 ـ لمعرفة طرائق أهل البدع المعاصرين.
قصة القطبية
في المملكة العربية السعودية واليمن وغيرها
كان القطبيون - في هذين البلدين متسترين - بثوب السلفية، ويعيشون في وسط الدعوة السلفية، ويظهرون بمظهرها، ويتكلمون بطريقتها، فدرسوا كتب أهل السنة في العقيدة والتوحيد [1]، وجلسوا في حلقات المشايخ، بخلاف القطبية والإخوان في غير هذين البلدين، فقد كان أمرهم معروفًا.
وشاء الله أن يظهر هؤلاء المتسترون على حقيقتهم شيئًا فشيئًا.
ومهما تكن عند امرئٍ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تُعلمِ
وكان أول ظهورهم مع أزمة الخليج الثانية، عندما احتل العراق الكويت. ففي ذلك الوقت احتلت الجيوش البعثية الكويت، ثم حشدت قواتها على حدود المملكة العربية السعودية، فاحتاجت المملكة إلى الاستعانة بالكفار، فطرحت الموضوع على هيئة كبار العلماء، فاجتمعوا في الرياض لمناقشة موضوع الاستعانة، وبعد دراسة مستفيضة، وبعد النظر في أقوال العلماء والنظر في أدلتهم، قرروا بالإجماع جواز الاستعانة بهم مؤقتًا، دفعًا لشر البعثيين في ذلك الوقت [2]، ووقفهم كثير من العلماء من مختلف البلدان، لكن خرج على الناس بعض الشباب - مثل سفر الحوالي وسلمان العودة وغيرهما -، يتهمون العلماء بالجهل بواقع المسلمين، وأنهم لا يفهمون ما يدور حولهم من المؤامرات.
أخرج سفر الحوالي كتاب: "وعد كسينجر" معترضًا فيه على هيئة كبار العلماء استعانتهم بالكفار، وكان يقول: (يسمونه استعانة وهو احتلال). [3]
ولم ينقطع هجومهم على العلماء، ولا تضليلتهم للشباب طوال فترة أزمة الخليج.
ويلطف الله تعالى بدول الخليج، وتنكشف الأزمة،ويتم بفضل الله تعالى تخليص الكويت وأهلها من الاحتلال البعثي، ويتم دفع البعثيين من حدود المملكة مع العراق، وتحفظ الأنفس والأعراض والأموال من الأطماع البعثية، وأسلم – في ذلك الوقت - أكثر من خمسة آلاف عسكري أجنبي، ويحصل خير كثير[4]، ويتبيّن للناس جميعًا أن علماءنا كانوا أعلم بالشرع والواقع، وأن فتواهم كانت موفقة ومباركة، وأن هؤلاء الشباب المعترضين طائشون.
القطبيون أتباع سيد قطب
والقطبيون جناح من أجنحة الإخوان المسلمين، يسيرون على خطى سيد قطب في نظرته إلى المجتمعات، لكنهم ظهروا في المملكة العربية السعودية واليمن بثياب السنة.
فهم فصيل من الإخوان المسلمين، لكنهم أرادوا أن يحاربوا الدعوة السلفية من داخلها.
ودعوتهم لها أسس ساروا عليها، منها:
1 ـ تعظيم سيد قطب:
فالقطبيون يعظمون سيد قطب، ويغضون الطرف عن ضلالاته الكثيرة، ومنها:
القول بوحدة الوجود:
قال سيد قطب في "ظلاله" في شرح سورة "الإخلاص":
(إنها أحدية الوجود، فليس هناك حقيقة إلا حقيقته، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده، وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية) ا.هـ
وقال في "الموضع نفسه": (فلا حقيقة لوجود إلا ذلك الوجود الإلهي، ولا حقيقة لفاعلية الإرادة الإلهية، فعلام يتعلق القلب بما لا حقيقة لوجوده ولا لفاعليته ؟!.
وحين يخلص القلب من الشعور بغير الحقيقة الواحدة، ومن التعلق بغير هذه الحقيقة، فعندئذ يتحرر من جميع القيود، وينطلق من كل الاوهاق. يتحرر من الرغبة وهي أصل قيود كثيرة، ويتحرر من الرهبة وهي أصل قيود كثيرة، وفيم يرغب وهو لا يفقد شيئاً متى وجد الله؟ ومن ذا يرهب ولا وجود لفاعلية إلا لله؟
ومتى استقر هذا التصور الذي لا يرى في الوجود إلا حقيقة الله، فستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها - وهذه درجة يرى فيها القلب يد الله في كل شيء يراه. ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئاً في الكون إلا الله، لأنه لا حقيقة هناك يراها إلا حقيقة الله) ا.هـ
يخلط سيد قطب بين "توحيد الألوهية" و"توحيد الربوبية" فيقول في "الظلال": (فقضية الألوهية لم تكن محل خلاف، وإنما قضية الربوبية هي التي كانت تواجهها الرسالات وهي التي تواجهها الرسالة الأخيرة).
ويؤول سيد قطب الاستواء بكلام الجهمية والحلولية فيقول في "الظلال": (والاستواء على العرش كناية عن غاية السيطرة والاستعلاء).
ويسيء سيد قطب إلى بعض أنبياء الله فيقول: (لنأخذ موسى إنه مثال للزعيم المندفع العصبي المزاج). [5]
وقال في "المصدر السابق": (وهنا يبدو التعصب القومي كما يبدو الانفعال العصبي، وسرعان ما تذهب هذه الدفعة الغضبية، فيتوب إلى نفسه شأن العصبيين).
أي: أن موسى عليه السلام ليس متعصبا فحسب، بل تعصبه تعصب قومي لبني جنسه من الإسرائيليين، فهو متحامل على الأقباط لعنصرية فيه.
وقال سيد قطب في "المصدر السابق": (عودة العصبي في سرعة واندفاع).
وقال في "المصدر السابق": (وهكذا في حنق ظاهر وحركة متوترة).
ويفسر سيد قطب شهادة التوحيد فيقول:
(لا اله إلا الله" كما كان يدركها العربي العارف بمدلولات لغته: لا حاكمية إلا لله، ولا شريعة إلا من الله، ولا سلطان لأحد على أحد، لأن السلطان كله لله) أ.هـ [6]
ويكفر المجتمعات فيقول في "الظلال":
(لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين، وانتكست البشرية إلى جاهلية كاملة شاملة للأصول والفروع والبواطن والظواهر، والسطوح والأعماق) ا.هـ
وقال فيه كذلك: (لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية أول مرة، ورجع الناس إلى الجاهلية التي كانوا عليها، فأشركوا مع الله أرباباً أخرى تصرف حياتهم بشرائعها البشرية).
وقال فيه كذلك: (لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله، وإن ظل فريق منهم يردد على المآذن: لا إله إلا الله). [7]
ويقول: (إنه ليست على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي). [8]
ويقول: (يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم أنها مسلمة، لا لأنها تعتقد بألوهية آخر غير الله ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله، بل لأنها لا تدين بالعبودية لله في نظام حياتها). [9]
وسيد قطب لا يصلي الجمعة لأنه لا يراها إلا وراء الخليفة، فقد قال علي عشماوي - وهو أحد قادة التنظيم الخاص بـ "الإخوان المسلمين" - وهو يتكلم عن سيد قطب:
(وجاء وقت صلاة الجمعة فقلت له: "دعنا نقم ونصلي". وكانت المفاجأة أن علمت – ولأول مرة – أنه لا يصلي الجمعة، وقال: إنه يرى - فقهياً – أن صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة، وأنه لا خلافة إلا بخلافة) ا.هـ [10]
ويطعن سيد قطب في الخليفة الراشد عثمان وغيره فيقول: (ولقد كان من سوء الطالع أن تدرك الخلافة عثمان وهو شيخ كبير ضعفت عزيمته عن عزائم الإسلام، وضعفت إرادته عن الصمود من كيد مروان وكيد أمية من ورائه) ا.هـ [11]
وقال سيد قطب: (ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي إمتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين قبله وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما). [12]
ويقول في الكتاب نفسه: (إنه المحنة الحقة أن علياً لم يكن ثالث الخلفاء).
ويقول سيد قطب عن معاوية وعمرو بن العاص:
(إن معاوية وزميله عمرو لم يغلبا علياً لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب، ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح، وهو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع، وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة، والنفاق والرشوة، وشراء الذمم، لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل، فلا عجب ينجحان ويفشل، وإنه لفشل أشرف من كل نجاح) ا.هـ [13]
وقال سيد قطب:
(ولا بد للإسلام أن يحكم لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تسوغ من المسيحية والشيوعية معاً مزيجاً كاملاً يتضمن أهدافهما جميعاً، ويزيد عليهم بالتوازن والتناسق والاعتدال) ا.هـ [14]
ويقول سيد قطب بقول المعتزلة في خبر الآحاد فيقول في "الظلال": (وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة، والمرجع هو القرآن).
ونفى سيد قطب نظام الرق في الإسلام مطلقاً، فقد قال في شرح آية الأصناف الثمانية في الزكاة: ("وفي الرقاب" ذلك حين كان الرق نظاماً عالمياً، تجري المعاملة فيه على المثل في استرقاق الأسرى بين المسلمين وأعدائهم، ولم يكن للإسلام بدٌ من المعاملة بالمثل حتى يتعارف العالم على نظام آخر غير الاسترقاق) ا.هـ
ويجوز تأميم الممتلكات عند سيد قطب إذا احتاجت الدولة.
يقول سيد قطب:
(نزع الملكيات والثروات جميعا وإعادة توزيعها على أساس جديد ولو أنها قامت ونمت بطريق شرعي). [15]
وقال سيد قطب:
(حق المجتمع مطلق في المال وأن حق الملكية الفردية لا يقف في وجه هذا الحق العام).
وقال سيد قطب:
(يعطي هذا الحق للدولة لمواجهة الحاجات العاجلة ودفع الأضرار المتوقعة). [16]
وقال سيد قطب:
(في يد الدولة أن تفرض ضرائب خاصة غير الضرائب العامة كما تشاء). [17]
وأباح للدولة أن (يتخذ من الأفراد نسبة من الربح أو نسبة من رأس المال). [18]
ووقع سيد قطب في مذهب الماركسيين بدون علم فزعم أن الإسلام (يعد العمل هو السبب الوحيد للملكية).[19]
وادّعى أن المجتمع المسلم إذا وجد (قد يحتاج إلى البنوك وشركات التأمين وتحديد النسل). [20]
والقطبيون ينهلون من كتب سيد قطب، ويستقون منها عقيدتهم، عنها يصدرون، وإليها يرجعون.
بل يذكر القطبيون سيد قطب في مصاف الأئمة المصلحين، كأمثال شيخ الإسلام ابن تيمية[21]، ولذلك اهتم العلماء ببيان كتب سيد قطب، وتوضيح ما في كتب سيد قطب من الضلالات.
وممن ألف في الرد عليه:
أ ـ الشيخ الأستاذ محمود بن محمد بن شاكر رحمه الله، فعندما أساء سيد قطب في حق جماعة من الصحابة رضي الله عنهم رد عليه الأستاذ محمود بن محمد شاكر رحمه الله في مقالات متوالية وهي "تاريخ بلا إيمان" و"حكم بلا بينة" و "لا تسبوا أصحابي" و"ألسنة المفترين". خمس مقالات متوالية تحت عنوان "بين الرافعي والعقاد". [22]
ب ـ والشيخ عبد الله الدويش رحمه الله في كتاب "المورد الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال". لكنه لم يستوعب.
ج ـ كانت هناك تنبيهات متفرقة من العلامة الألباني على بعض أقوال سيد قطب.
د ـ ثم ألف الشيخ العلامة ربيع في "أضواء على عقيدة سيد قطب وفكره". و"مطاعن سيد قطب". و"العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم". و"نظرات في كتاب التصوير الفني في القرآن الكريم لسيد قطب" و"نظرة سيد قطب إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" و"سيد قطب هو مصدر تكفير المجتمعات الإسلامية". و"ينبوع الفتن والأحداث الذي ينبغي للأمم معرفته ثم ردمه". و"أطوار سيد قطب في وحدة الوجود". [23]
ويعتبر الشيخ ربيع أعلم الناس بكتب سيد قطب. [24]
انتصار بكر أبي زيد لسيد قطب:
وفي بداية عام 1414 هـ أخرج الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله ورقات سميت بالنصيحة الذهبية، يدافع فيها عن سيد قطب، فرح بها أهل البدع، ونشروها في المملكة العربية السعودية وخارجها، واحتجوا بها على السلفيين، فاتصل به الشيخ ربيع، وسأله عن هذه الوررقات، فاعتذر بأن الذين نشروها يريدون أن يفرقوا بين الأحبة، وسأله عنها الشيخ زيد المدخلي فسب الذي ينشرها، وقال: "إنها سرقت منه، ونشرت من غير رضاه"، ولذلك اعتبر الشيخ ربيع هذه الأوراق لقيطًا ليس لها أب شرعي. [25]
ثم طلب منه الشيخ ربيع أن يخرج براءة من هذه الأوراق، فلم يخرج شيئًا، وانتظره مدة طويلة فلم يفعل، فاضطر الشيخ ربيع للرد عليه في كتاب: "الحد الفاصل بين الحق والباطل – حوار مع الشيخ بكر"، وسمى أوراقه بالصفحات الظالمة، وذكر كلامًا آخر لبكر أبي زيد اشتمل على ثناء على سيد قطب، ولوم شديد لمن ينتقده.
ثم يخرج الشيخ بكر أبو زيد رسالة: "تصنيف الناس بين الظن واليقين". التي فرح بها القطبيون والإخوان المسلمون كذلك، ونشروها مجانًا بكميات كبيرة، ولما وصلت هذه الرسالة إلى اليمن وقرأها شيخنا الإمام الوادعي سمعته يقول فيها: "هذه الرسالة لم يوفق فيها المصنف، فإنه يريد أن يغلق باب الجرح والتعديل". [26]
محمد قطب:
ومحمد قطب هو شقيق سيد قطب، سار على طريقته، فحمل رايته من بعده، ونشر فكره، ولاسيما في كتابه: "واقعنا المعاصر" وكتاب: "رؤية إسلامية لأحوال العالم الإسلامي المعاصر" وكتاب: "جاهلية القرن العشرين". [27]
قال علي عشماوي في "التاريخ السري للإخوان المسلمين":
(ولما سألناه - يعني سيد قطب - عن الأستاذ محمد قطب، قال اتركوا محمداً فله مهمة أخرى) ا.هـ [28]
ومهمة محمد قطب هي تربية الشباب في بلاد التوحيد على منهج التكفير للحكومات، وتحقير العلماء. فدرس سنوات طويلة في السعودية، وربى فيها أجيالاً على طريقتهم، وكانوا يأملون أن يصلوا إلى ساعة الصفر لينقضوا على دولة التوحيد ويبيدوا خضراءها.
يقول محمد قطب في كتابه: "واقعنا المعاصر": (أما الذين يسألون إلى متى نظل نربي دون أن نعمل ؟ فلا نستطيع أن نعطيهم موعداً محدداً، فنقول لهم عشر سنوات من الآن، أو عشرين سنة من الآن هذا رجم بالغيب لا يعتمد على دليل واضح، وإنما نستطيع أن نقول لهم، نظل نربي حتى تتكون القاعدة المطلوبة بالحجم المعقول) ا.هـ [29]
2 ـ منهج الموازنات:
فالقطبية هم أول من أظهر هذه البدعة، ومعناها عندهم أنه إذا أراد الناقد أن يذكر مساوي المخالفين للتحذير منها، فيجب عليه ذكر محاسن المخالفين كذلك، وألف بعضهم رسائل في الانتصار لهذه البدعة. [30]
قال زيد بن عبد الكريم الزيد في "ضوابط رئيسية في تقويم الجماعات الإسلامية":
(العدل في النقد بذكر الحسنات والسيئات ...، فالعدل حينئذ يقتضي أن يذكر الحسنات والسيئات معا، فليس من الإنصاف في شيء لمن ينصحُ جماعة من الجماعات الإسلامية، ومن ثمّ سائر الأمّة الإسلامية، أن يذكر الأخطاء والانحرافات والمساوئ فحسب، إنّ هذا كما هو مجاوز للعدل، فهو عرض مضلّل لحقيقة الجماعة).
وقد رد علماء السنة على هذه البدعة العصرية، ومن هؤلاء:
أ ـ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز.
ب ـ فضيلة الشيخ الألباني الذي أسماها "بدعة العصر".
ج ـ فضيلة الشيخ ابن عثيمين.
د ـ الشيخ صالح الفوزان.
هـ ـ والشيخ أحمد النجمي.
و ـ شيخنا الشيخ مقبل بن هادي الوادعي.
رحمهم الله تعالى.
وأفرد لها شيخنا الشيخ ربيع المدخلي رسالة خاصة أسماها: "منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والطوائف".
ولخّص الشيخ ربيع مفاسد هذه البدعة العصرية في "المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء" في ثلاث نقاط وهي: تجهيل السلف، ورميهم بالظلم، وتعظيم البدع وأهلها.
وسئل شيخنا الشيخ مقبل رحمه الله عن الموازنات فقال:
(القوم يعرفون أنهم مجروحون، فهم يريدون أن يستروا على أنفسهم، وأقول: "الضال المبتدع لا تذكر حسناته ولا كرامة") ا.هـ
3 ـ الغلو في فقه الواقع:
غلا القطبيون في فقه الواقع، فاتخذوه ميزانًا يزنون به الفقيه من غيره، وهم يريدون بذلك تجهيل علمائنا الذين لا يوافقونهم على طريقتهم.
وقد ألف لهم محمد قطب كتاب: "واقعنا المعاصر". الذي يعظمه القطبيون تعظيمًا عجيبًا.
وألف ناصر العمر رسالة: "فقه الواقع".
وسمعت سفر الحوالي – بعد احتلال الكويت بثلاثة أشهر – يقول في شريط: "ففروا إلى الله": (علماؤنا يا إخوان كفاهم، لا نبرر لهم كل شيء، لا نقول إنهم معصومون! نحن نقول نعم عندهم تقصير في معرفة الواقع، عندهم أشياء نحن نستكملهم فيها، ليس من فضلنا عليهم، لكن نحن عشنا أحداث هم ما عاشوها بحكم الزمن الذي عاشوا، أو بحكم أوضاع أخرى، ومع ذلك أقول المسؤولية الأساس علينا نحن طلبة العلم بالدرجة الأولى، وبعض هؤلاء العلماء قد بدأ يسلم الأمر لأنه انتهوا في السن).
وعلماؤنا أعلم الناس بالواقع.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – وهو يرد على من وصف المشايخ بالجهل بالواقع - فيقول: (فإن العلماء في السعودية يعرفون مشاكل العصر، وقد كتبوا فيها كثيرا، وأنا منهم بحمد الله، وقد كتبت ما لا يحصى). [31]
4 ـ التحذير من كلام الأقران:
القطبيون وإخوانهم دائمًا ما يدندنون حول كلام الأقران، وهم لا يريدون كلام الأقران المعروف عند أهل العلم، وإنما يريدون بذلك رد كلام علمائنا في مشايخ الإخوان المسلمين والقطبيين.
وتنزيلهم كلام الأئمة في باب: "جرح الأقران" على التحذير من الانحرافات، نوع من أنواع المشاغبة.
5 ـ الدعوة إلى التثبث:
فإنهم لما كانوا يعلمون أن خططهم وأهدافهم قد تنكشف، نادوا بالتثبت، وهم لا يريدون التثبت عند أهل السنة، بدليل أنهم لا يقيمون وزنًا لأعراض السلفيين فهم يرمونهم بالعمالة للسلاطين، ويجهلونهم بالواقع، ويصفون دعوتهم بحمى المدينة، لكنهم يريدون عدم التعجل في الأخذ بتحير الفضلاء من دعاتهم.
6 ـ تسويغ العمل تحت راية هذه الجماعات والأحزاب:
قال عبد الهادي المصري في كتابه "معالم الانطلاقة الكبرى":
(إلى جميع المخلصين أفرادا وجماعات ... إن العمل للإسلام من خلال هذه الجماعات أمر لا غبار عليه لا شرعًا ولا عقلًا). [32]
دعاة القطبية
1 ـ سفر الحوالي:
من تلامذة محمد قطب، له كتاب: "ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي" من أسوأ الكتب، يكفر فيه المجتمعات، ويرمي فيه علماءنا بالإرجاء.
يقول الدكتور سفر الحوالي في كتابه "ظاهرة الإرجاء":
(والآن وقد دار الزمان دورة ثالثة حتى عاد كهيئته يوم أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، حيث تردى العالم الإنساني المعاصر في عين ما وقع فيه قوم نوح والعرب، من شرك في التقرب والنسك وفي الطاعة والتشريع). [33]
يقول سفر الحوالي مثل هذا الكلام وكأنه لا يعيش في بلد تقام فيه الحدود الشريعة، ولا ينهى فيه عن المنكر، ولا تعظم فيه شعائر الدين.
ويقول: (فشوقنا كبير أن تكون أفغانستان النواة واللبنة الأولى للدولة الإسلامية، وما ذلك على الله بعزيز) ا.هـ [34]
ولمع سفر الحوالي في كتابه: "ظاهرة الإرجاء" سيد قطب وفكرته، وهاجم الشيخ الألباني ودعوته واتهمه بالإرجاء. وقدم لكتابه محمد قطب.
قال بعض الفضلاء: "إذا أنصف سفر الحوالي لألف في انحرافات محمد قطب وعرض كتابه على الشيخ الألباني ليقدم له".
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين: (إن من يرمي الشيخ الألباني بالإرجاء إما أنه لا يعرف الإرجاء أو لا يعرف الشيخ الألباني).
ويطعن سفر الحوالي في فتوى العلامة الألباني في "الصلح مع اليهود" فيقول في بعض كتبه: (وهنا لابد أن أؤكد أن الذين يؤمنون بهذا الوعد التوراتي، هم المؤمنون بالمسيح الدجال، وبالتالي فكل من يعتقد أو يوافق على مشروع إسرائيل آمنة مطمئنة، فإنه - شاء أم أبى علم أو لم يعلم - يعمل لإنشاء مملكة المسيح الدجال, ويسعى لتحقيق النبوة التوراتية التي يدعيها هؤلاء ويخدم راضيا أو غير راض, يعلم أو لا يعلم، هذه الأهداف الصهيونية التي يؤمن بها هؤلاء الأصوليون مع أولئك اليهود). [35]
ولا غرابة، فشيخه محمد قطب يقول في كتاب "شبهات حول الإسلام":
(والذين يسمون أنفسهم "هيئة كبار العلماء" أحرار في أن يتسموا بهذا الاسم أو غيره، ولكن ليس لهم سلطان على أحد، ولا يملكون من أمر الناس شيئاً إلا في حدود القانون).
وقال سفر الحوالي - وهو يتناول مسألة عظيمة وهي مسألة الإيمان عند أهل السنة والجماعة -:
(وقد وجدت أن أفضل من أجاب على هذه الأسئلة من فقهاء الدعوة المعاصرين هو الأستاذ سيد قطب رحمه الله، وأنا أنقل من كلامه ما يفيد ذلك مع بعض زيادات توضيحية) أ.هـ [36]
فسيد قطب هو من فقهاء الدعوة المعاصرين، وهو أفضل من أجاب عن هذه الإشكالات من فقهاء هذا العصر، وفي ماذا ؟! في مسائل الإيمان التي رأى القارئ تخبط سيد قطب فيها، فعلماء أهل السنة المتقدمون لم يشبعوا مسائل الإيمان عند سفر الحوالي حتى احتاج سفر الحوالي - المفتون بسيد قطب - إلى المعاصرين، ثم علماء أهل السنة المعاصرون – مع شروحهم الغزيرة للعقيدة الواسطية والعقيدة الطحاوية وغيرهما – لم يشبعوا مسائل الإيمان عند سفر الحوالي حتى احتاج إلى سيد قطب !!.
كيف تؤخذ مسائل الإيمان من رجل يكفر المجتمعات جملة وتفصيلا، ويرى أن أهل المساجد والمؤذنين داخلون في ذلك التكفير ؟! [37]
وكتابه: "ظاهرة الإرجاء" تعقبه الشيخ ربيع بن هادي المدخلي بكتاب: "مؤاخذات منهجية وعقدية على الدكتور سفر الحوالي" [38]، ردّ فيها شيخنا الشيخ ربيع التهم الظالمة لسفر الحوالي التي اتهم فيها علماء أهل السنة بالإرجاء، وطالب سفرا الحوالي بموقف حاسم من ضلالات سيد قطب، ولم يصدر من الحوالي موقف صارم من هذه الضلالات.
وما إن تذهب الأيام إلا ويرسل سفر الحوالي رسالة إلى بوش – كما في موقعه [39]- يقول فيها: (أنصحكم وأخوفكم بالله أن تقفوا وتكفوا عن العدوان، وتتعاملوا مع القضية بعدل وأناة، وسوف تجدوننا معكم بلا تحفظ) ا.هـ
ثم يصرح في جريدة بأنه لا بأس أن تكون للرافضة مدارس خاصة يدرسون فيها كتبهم ؟ سبحان الله لا بأس في دراسة الشرك !! لا بأس في دراسة الغلو الكفري في آل البيت !!.
2 ـ سلمان العودة:
ومن هؤلاء القطبية سلمان العودة، الذي يقول عن سيد قطب إمام هدى، وداعية إصلاح.
تتلمذ سلمان العودة في معهد بريدة على يد محمد بن سرور، ثم ظهر للناس متسترًا بثياب السنة، إلى أن كشفه الله للناس.
صدّره القطبية السرورية للدعوة وهو شاب، وأبرزوه لساحة الدعوة، واستطاعوا بهالة إعلامهم أن يضخموه، وأن يصنعوا منه - في مدة يسيرة - داعية على مستوى الوطن العربي والإسلامي. [40]
ومن هنا ستعرف لماذا صدرت منه هذه الأخطاء والضلالات المتتابعة.
خرج علينا سلمان العودة بنزعة خارجية تكفيرية:
فكفر المجتمعات، حيث يقول في شريطه "يا لجراحات المسلمين": (الرايات المرفوعة - في طول العالم الإسلامي وعرضه - إنما هي رايات علمانية) ا.هـ
وكفر المجاهر بالمعصية في بعض أشرطته ورسائله. حيث يقول في "جلسة على الرصيف":
(فعندما يسجل أغنية، كيف أنه غرر بفتاة وجرها إلى المنزل، وارتكب معها الفاحشة، ويذكر تفاصيل كثيرة، ويجعل هذا في شريط يسمع عند بعض السفهاء، وبعض الفساق، فإن هذه ردة عن الإسلام، وهذا مخلد والعياذ بالله في نار جهنم إلا أن يتوب).
وأيّد بقوّة ثورة جبهة الإنقاذ في الجزائر مع انحراف طريقتها.
ويثني على مظاهرات النساء التي خرجت في الجزائر احتجاجا على الحكومة.
ويغلق باب الشكوى عند الحكام، ويفتح باب الثورات الشعبية. فيقول سلمان العودة في شريط: "هموم فتاة ملتزمة":
(إنني اعتقد أن زمن الشكوى المجردة قد انتهى، أو كاد أن ينتهي أعني دور الخيرين والخيرات، لن يتوقف عن مجرد الشكوى للجهات المختصة حصل كذا حصل كذا، ... والآن نحن في عصر صار الجماهير فيه تأثير كبير، فأسقطوا زعماء، وهزوا عروشا، وحطموا أسوارا وحواجز).
ويثني على العز بن عبد السلام ليفتح باب مصادمة الحكام من على المنابر.
قال سلمان العودة في بعنوان: "سلطان العلماء": (لعلّ أبرز الجوانب في شخصية هذا الإمام (أي: العز بن عبد السلام)، هو ما يتعلق بالشجاعة والجرأة التي كان يتميز بها في قول كلمة الحق، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
لقد جدّد السلطان العز بن عبد السلام الإنكار العملي على السلاطين والأمراء، وكان ينكر عليهم أحياناً علنًا وأمام العامة لاسيما المنكر العلني، ولا يخاف في الله لومة لائم).
ويفتح باب الطعونات في الحكام على مصراعيه.
يقول سلمان العودة في شريط: "لماذا نخاف من النقد":
(من ذلك مثلاً: أن بعض الناس شككوا في قسمة النبي صلى الله عليه وسلم للمال - وهذا موجود في كل زمان -، وأنها قسمة ما أريد بها وجه الله ... والثابت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالقبض على هذا الرجل الذي قال تلك الكلمة وشكك في القيادة العليا - قيادة النبي صلى الله عليه وسلم، لم يأمر بالقبض عليه قط، ولا أودعه في السجن، ولا فتح محاضر للتحقيق معه، ولا حكم بسجن مؤبد، ولا بغير مؤبد، ولا شهّر به، ولا فضحه أبداً، وإنما تركه حراً طليقاً لم يتعرض له بشيء، سوى أنه صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله أخي موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر"). [41]
ويرى سلمان العودة أن أحاديث الصبر على الولاة، وإن ضرب الظهر، وأخذ المال إنما هو في قضية فرد بعينه، لا في قضية مجتمع. فيقول سلمان العودة في "الإنسان في القرآن":
(إذاً من الخطأ الكبير أن أتكلم عن الحقوق على الإنسان، ولا أتكلم عن الحقوق التي للإنسان، فإن الإنسان - بمقتضى كونه إنساناً كرمه الله عز وجل - ينبغي أن يعرف ماذا عليه من الواجبات فيؤديها، وفي المقابل ينبغي أن يعرف ماذا له من الحقوق فيطالب بها في حالة تأخرها أو تخلفها، لأن المشكلة عندنا ليست مشكلة الإنسان بذاته كفرد، إنما المشكلة مشكلة أمة، عندما تتصور أن فرداً واحداً كما في الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث صحيح لما قال: " اسمع وأطع، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك " هذا صحيح لا إشكال فيه، لكن لو تصورت أمة كاملة وتسلب حقوقها، تسلب كرامتها ومكانتها، تسلب ما أعطاها الله عز وجل إياه بنص الكتاب ونص السنة، فإن معنى ذلك أن هذه الأمة كلها قد فقدت معنى إنسانيتها، ومعنى كونها أمة كلفها الله عز وجل بواجبات وأشياء لا تستطيع أن تقوم بها، لأنها جُردت من إنسانيتها حين سلبت هذه الحقوق التي هي لها في أصل الشرع) ا.هـ [42]
ويقلل من شأن دراسة التوحيد، فيقول في رسالة: "هكذا علم الأنبياء لا إله إلا الله":
(فجزء من هذا اليسير في العقيدة بحيث تستطيع أن تشرح لأي إنسان عقيدة التوحيد في عشر دقائق أو نحوها). [43]
فيرد عليه فضيلة الشيخ الفوزان بتعليق جميل قائلا: (التوحيد عشر دقائق، والتفسير عشر دقائق، والحديث عشر دقائق، والأصول عشر دقائق، ما شاء الله ستكون عالما في ساعة واحدة).
ويعرض بهيئة كبار العلماء فيقول في شريط "وقفات مع إمام دار الهجرة" معرضاً بكبار العلماء: (في بلاد العالم الإسلامي اليوم جهات كثيرة جداً لم يبق لها من أمر الدين ـ وقد تكون مسئولة عن الفتيا أحياناً أو عن الشئون الإسلامية ـ لم يبق لها إلا أن تعلن عن دخول شهر رمضان وخروجه ) ا.هـ.
ويقول أيضاً في حوار مع " مجلة الإصلاح الإماراتية":
( الأحداث التي حدثت في الخليج لم تزد على أنها كشفت النقاب عن علل وأدواء خفية ... وكشفت كذلك عن عدم وجود مرجعية علمية صحيحة وموثوقة للمسلمين، بحيث تحصر نطاق الخلاف، وتستطيع أن تقدم حلاً جاهزاً صحيحاً وتحليلاً ناضجًا) ا.هـ [44]
ويسلك سلمان في كتاب: "صفة الغرباء" مسلك التزهيد من دراسة التوحيد والعقيدة فيقول:
(وقد تتحول العناية بسلامة المعتقد إلى رمي للآخرين بالضلال أو الكفر أو الفسق أو البدعة بلا بينة، مع ظن اختصاص النفس بالكمال والسلامة مما وقع فيه الآخرون). [45]
ويسخر من أحد الخطباء فيقول في شريط: "الأحداث الجديدة":
(فتأتي إلى خطيب فتجد كأنه قد أصم أذنيه، ولم يسمع شيئا، يتكلم عن موضوع بعيد بالمرة؛ إما أن يتكلم تحت الأرض، فيما يتعلق بأحوال الآخرة والقبر والموت، وإما أن يتكلم فوق السماء، فيما يتعلق بأمور الجنة والنار والبعث والحساب وغيرها، كل هذه الأمور حق والكلام فيها حق، لكن ينبغي أن الإنسان يستغل فرصة كون النفوس متهيِّئة للوعظ والإرشاد والتوجيه، وأخذ الدروس والعبر من هذه الأحداث ... بحيث يكون الكلام متعلقا بالواقع).
ثم تحصل أحداث في "ولاية كنر" من بلاد أفغانستان، فنسمع بنبأ مقتل الشيخ جميل الرحمن، والشيخ جميل الرحمن شيخ سلفي [46]، قتله بعض الإخوان المسلمين ظلما وعدوانا، لأنه لا يسير في فلك سائر الجماعات الموجودة، فحصلت ضجة على مستوى الدعوة في العالم الإسلامي، فيخرج علينا الشاب سلمان العودة، فيتصدر لهذه القضية الخطيرة – والعلماء حاضرون –، فيخرج شريط بعنوان: "خلل في التفكير"، فيطوي ملف القضية، ويصرف الناس عن التحقيق في قضية مقتل الشيخ جميل [47] بأسلوب إخواني ماكر.
ويهيئ الله تعالى شيخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي لتوضيح مشكلة "ولاية كنر"، ويجمع وثائق القضية، مع أشياء أخرى أضافها الشيخ، ويخرج رسالة: "مقتل جميل الرحمن" فيذكر فيها بعض فضائح الإخوان المسلمين، ومنها جريمة قتل جميل الرحمن. ويفتي بعد ذلك بالمنع من إرسال الأموال إلى أفغانستان، لأن هذه أحزاب متناحرة، خرجت عن مقاصد الجهاد.
ويستمر سلمان العودة في دعوته الإخوانية، فيخرج علينا بقول غريب لم يسبقه إليه أحد، فيفرق بين الطائفة الناجية، والفرقة المنصورة [48]، ليخص أهل الحديث بالمنصورة، ويُدخل كثيرًا من الجماعات في الطائفة الناجية، وهو قول غريب لم يسبق إليه.
والناجية والمنصورة كلاهما مسميان لطائفة واحدة كما أشار اللالكائي في أوائل كتابه: "أصول الاعتقاد" وشيخ الإسلام في أول "الواسطية".
ويكذب سلمان العودة على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، فيزعم أن سماحة الشيخ يوافقه على هذا التفريق، فسأل الناس سماحة الشيخ عن هذا التفريق، فنفى ذلك، وقال إنه لا فرق بينهما بل هما واحدة. [49]
وقد هيأ الله - للرد عليه - فارسًا من فرسان الحديث، ورجلًا من رجاله، وهو الشيخ ربيع بن هادي فرد عليه برسالة: "أهل الحديث هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية – حوار مع سلمان العودة". وقد ذكر فيها نقولات عن أكثر من أربعين عالمًا من المتقدمين والمتأخرين يقولون بأن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هم أهل الحديث.
وينصح سلمان العودة حكومات الدول الإسلامية في معاملة الجماعات الإسلامية، بالاقتداء بسياسة اليهود في معاملة أحزاب المعارضة، حيث قال في شريط "حقيقة التطرّف":
(إننا نعلم أن في إسرائيل أحزابًا أصولية متطرِّفة متشدِّدة، فماذا فعلت إسرائيل تجاه هذه الأحزاب؟ ها أنتم تسمعون أنها الآن تشارك في الحكم في ائتلافها مع حزب العمل الجديد، الذي فاز في الانتخابات، وتصل إلى الحكومة، فلماذا لا يقتدون بهم في هذا ؟).
ويثني سلمان العودة على سماحة الشيخ ابن باز نفاقًا، ويخرج محمد المسعري على بعض القنوات ليفضح سلمان العودة، ويذكره بأنه كان يقول لسلمان العودة في بيته في بريدة:
(يا سلمان: ما وجه ثنائك على ابن باز ؟! فيقول: "إني أدعو الله أن يموت ابن باز بسرعة، ويدخل الجنة، ونستريح، ولكن لابد من الثناء عليه لكسب بعض الناس). [50]
ثم تتفق هيئة كبار العلماء – برئاسة سماحة الشيخ ابن باز - على مواجهة سفر الحوالي وسلمان العودة بأخطائهما، ونصحهما، فإن اعتذرا عن ذلك، وإلا فيوقفونهما عن الدعوة حماية للمجتمع من أخطائهما.
اعترف سلمان العودة مؤخرًا أنه تتلمذ على يد ابن سرور في معهد بريدة، وأن ابن سرور كان وقتها يحمل فكرًا.
3 ـ ناصر العمر:
يقول ناصر العمر:
(تصور أن المنكرات الموجودة في مجتمعنا مجرد معاصي، كثير من الناس يتصور الآن أن الربا مجرد معصية أو كبيرة، والمخدرات والمسكرات مجرد معصية، والرشوة مجرد معصية أو كبيرة من الكبائر، لا يا إخوان، تتبعت هذا الأمر، فوضح لي الآن أن كثيراً من الناس في مجتمعنا استحلوا الربا - والعياذ بالله - أتعلمون الآن في بنوك الربا في بلادنا زادوا عن مليوني شخص، بالله عليكم هل كل هؤلاء الملايين يعرفون أن الربا حرام ولكنهم ارتكبوها وهي معصية، لا والله، إذًا من الخطورة الموجودة الآن بسبب كثرة المعاصي أن الكثير قد استحلوا هذه الكبائر - والعياذ بالله -). [51]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ودراستهم للعقيدة والتوحيد لم يكن على طريقة الأئمة، ولكن بما يخدم مناهجهم.
[2] وما توقعوه كان صحيحًا، فبعد قرابة خمسة أشهر من دخول الكويت دخلت القوات العراقية مدينة الخفجي، وهي منطقة سعودية حدودية مع الكويت، فحصلت معركة بين القوات العراقية مع القوات الأمريكية والسعودية، فأخرجوهم منها بعد يومين، واستردوا مدينة الخفجي.
[3] كتاب: "وعد كسينجر" صدر في حرب الخليج الثانية، أصل هذا الكتاب رسالة وجهها سفر الحوالي إلى هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، ويسميه بعضهم: "كشف الغمة عن علماء الأمة". تعرض فيه لأحداث سابقة لأمريكا في المنطقة، والكتاب ممنوع في معظم الدول العربية. ونقول: صدقت فتوى العلماء، ولم يصب الحوالي، فاستقدام الكفار دفع الله به ضررا عظيما عن المملكة العربية السعودية، رحلت أمريكا بعدها من بلاد الحرمين.
[4] انظر: "الرد المثالي على سفر الحوالي".
[5] "التصوير الفني في القرآن" (ص200).
[6] "في ظلال القرآن" سورة النعام.
[7] في ظلال القرآن" (ص 2009). دار الشروق .
[8] الظلال (ص 2122). دار الشروق.
[9] "معالم في الطريق" (ص 101). دار الشروق.
[10] "التاريخ السري لـ "جماعة الإخوان المسلمين".
[11] "العدالة الاجتماعية". ولا يجوز التعبير بسوء الطالع.
[12] "العدالة الاجتماعية"(ص 159- 168). ط. دار الشروق".
[13] في "كتب وشخصيات" (ص242).
[14] "معركة الإسلام والرأسمالية".
[15] "معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 44) دار الشروق.
[16] "المصدر نفسه" (ص43).
[17] "المصدر نفسه" (ص43).
[18] "العدالة الاجتماعية، (ص 123). "دار الشروق".
[19] رسالة: "معركة الإسلام والرأسمالية" (ص 40) "دار الشروق" !!.
[20] "ظلال القرآن" (ص 2010) "دار الشروق".
[21] يقول محمد سعيد القحطاني في كتابه: "الولاء والبراء" حيث قال: (ص215): (وقد كتب علماء فضلاء من علماء المسلمين حول هذا الموضوع ما يكفي ويشفي ويغني). ثم قال في حاشية الكتاب: (أذكر منهم شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه، ومن المعاصرين الأستاذين الجليلين أبو الأعلى المودودي وسيد قطب) ا.هـ
لم يجد الدكتور القحطاني أحدا من المعاصرين سوى هذين الرجلين.
[22] لقد رد سيد قطب على الشيخ محمود شاكر بسخرية فقال: (وما كان لي بعد هذا – وأنا مالك زمام أعصابي، مطمئن إلى الحق الذي أحاوله – أن ألقي بالا إلى صخب مفتعل، وتشنج مصطنع، وما كان لي إلا أن أدعو الله لصديقنا – شاكر بالشفاء والعافية والراحة مما يعاني، والله لطيف بعباده الأشقياء) أ.هـ
[23] والكتاب الأخير ألفه ليرد على أبي الحسن الذي أنكر – في مناقشتنا له في مأرب - قول سيد قطب بوحدة الوجود، وأرسل منه نسخة إلى أبي الحسن.
[24] قال الشيخ الألباني معلقا على خاتمة كتاب "العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم" للشيخ ربيع (كل ما رددته على سيد قطب حق وصواب، ومنه يتبين لكل قارئ على شيء من الثقافة الإسلامية أن سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله وفروعه.
فجزاك الله خير الجزاء أيها الأخ (الربيع) على قيامك بواجب البيان و الكشف عن جهله و انحرافه عن الإسلام).
[25] انظر: "كتب ورسائل الشيخ ربيع" (7/7). وقد سأله الشيخ ربيع عما لو كان قد قرأ كتب سيد قطب، فذكر الشيخ بكر أبو زيد أنه لم يقرأ له إلا القليل.
[26] ولا أعرف أن الشيخ بكرًا أخرج شيئًا يفضح به القطبيين في المملكة العربية السعودية، بل أراد أن يمنع الشيخ عبد السلام برجس من نشر رسالته: "معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة". حيث شكاه إلى الجهات المختصة، بحجة أن الرسالة ستسبب فتنة.
[27] قال العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري رحمه الله تعالى كما في "المجموع" (2/617): (إن محمد قطب - شقيق سيد قطب - أشعري خطير، وقد ألّف لوزارة المعارف السعودية كتاباً في التوحيد، وهذا الكتاب كله علم كلام وفلسفة) ا.هـ
[28] "التاريخ السري للإخوان المسلمين" (ص109).
[29] "واقعنا المعاصر" (ص 486).
[30] منهم أحمد بن عبد الرحمن الصويان في رسالته: "منهج أهل السنة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلفاتهم".
[31] "مجموع فتاوى ومقالات سماحة الشيخ ابن باز" (8/242).
[32] "معالم الانطلاق الكبرى" (ص 6).
[33] "ظاهرة الإرجاء" (ص 5).
[34] شريط "شرح الطحاوية" (2/266).
[35] كتاب: "القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى" (ص 68).
وله فيه كلام خبيث آخر، فلينظر. ولم يتعرض لحسن البنا القائل: "ليس بيننا وبين اليهود عداوة دينية بل إن القرآن حض على مصافاتهم".
[36] "ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي".
[37] والعجب أن يقول مثل هذا رجل دكتور في العقيدة، لكن لا غرابة لأن البدعة مساخة.
[38] لقد أحسن الشيخ الألباني الظن بهؤلاء في أول الأمر، ولما عرف ما هم عليه سماهم خارجية عصرية، ولما قرأ كتاب: "ظاهرة الإرجاء" علق عليه بعشرات التعليقات، وقال: "لقد كنا نحسن الظن بهؤلاء، والظاهر أن مشايخ المدينة – الشيخ ربيع ومن معه - كانوا أعلم بهم منا".
[39] ورسالته إلى بوش تجدها في موقعه بعنوان: "خطاب مفتوح إلى الرئيس بوش".
[40] وهذه طريقة الإخوان المسلمين في كل وقت، وكلما سقط لهم رمز من رموزهم أقاموا غيره، فلما سقط سلمان العودة أقاموا عوضًا عنه إبراهيم الدويش، وبعد مدة أقاموا عوضًا عنه محمد العريفي، وهلم جرًا.
[41] والجواب عنه أن هذا الرجل هو رأس الخوارج وقد ذمه النبي صلى الله عليه وسلم ذمًا شديدًا، وفعله غير جائز، فكيف يقتدى برأس الخوارج، ويتبع في عمل لا يجوز ؟!.
[42] وتبعه على هذا التفسير تلميذه محمد العريفي في كلمة تلفزيونية.
وجوابنا أن نقول: إن هذا التفسير لا مستند له، وقد أنكره العلماء كفضيلة الشيخ الفوزان، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى الأنصار بالصبر على الأثرة حتى يلقوه صلى الله عليه وسلم على الحوض فصبروا على الأئمة من قريش وغيرها، مع أنهم هم أهل المدينة.
[43] "هكذا علم الأنبياء لا إله إلا الله" (ص 44).
[44] " مجلة الإصلاح الإماراتية" العدد (223) (ص 11).
[45] "صفة الغرباء" (ص122).
[46] وهو أول من أشعل فتيل الجهاد في أفغانستان، قبل أن يأتي الإخوان المسلمون فيسرقون هذا الإنجاز السلفي.
[47] قال في شريط: "خلل في التفكير": (فجديرٌ بالمسلمين أن يتناسوا كل ما يمكن تناسيه من الخلافات، أو يؤجلوا ما يمكن تأجيله، وعلى أقل تقدير - إن لم يكن بينهم تناصرٌ وتعاملٌ - فلا أقل من أن يكون بينهم تنسيقٌ يحقن الدماء، ويوجه أفواه البندقيات والمدافع إلى صدور الأعداء).
[48] في كتابه: "الغرباء"، وهو يريد بذلك أن الفرقة الناجية أوسع من الطائفة الناجية، حيث إن الناجية تضم عامة الناس، والمنصورة هم أهل الحديث.
[49] شريط: "احذروهم فإنهم يكذبون".
وليست هذه بأول كذبات سلمان العودة، فقد كذب على سماحة الشيخ ابن باز مرة أخرى، وذكر أن سماحة الشيخ متعاطف مع الجماعة الإسلامية في الجزائر، وأنه يفكر بإرسال رسالة إليهم لتأيدهم، وأخرج الشيخ ابن باز ما يكذب هذا النقل.
(إن الذين يتمنون موت أهل السنة، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون).
رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة".
[51] كتاب: "التوحيد أوّلاً" (ص 66 ـ 67) تحت عنوان: "معاصٍ أم كفر؟"